فصل: تفسير الآية رقم (100):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (93):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [93].
{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} أضيف المكان إلى الصدق؛ لأن عادة العرب إذا مدحت شيئاً، أن تضيفه إلى الصدق، تقول: رجل صدق. وقدم صدق. وقال تعالى: {مُدْخَلَ صِدْق} [الإسراء: من الآية 80]، و{مُخْرَجَ صِدْقٍ} [الإسراء: من الآية 80]، إذا كان عاملاً في صفة صالحاً للغرض المطلوب منه، كأنهم لاحظوا أن كل ما يظن به فهو صادق.
وقوله تعالى: {وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ} وهي المنِّ والسلوى في التيه وبعده، مما فاض عليهم من الأرض التي تدر لبناً وعسلاً: {فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ} أي: ما تفرقوا على مذاهب شتى في أمر دينهم، إلا من بعد ما جاءهم العلم الحاسم لكل شبهة، وهو ما بين أيديهم من الوحي الذي يتلونه. أي: وما كان حقهم أن يختلفوا، وقد بيَّن الله لهم، وأزاح عنهم اللبس. ونظير هذه الآية في النعي عليهم اختلافهم قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4]، وقوله جل ذكره: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عِمْرَان: من الآية 19]، وفيه أكبر زاجر وأعظم واعظ عن الاختلاف في الدين، والتفرق فيه.
{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} أي: فيميز المحق من المبطل بالإنجاء والإهلاك.

.تفسير الآية رقم (94):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [94].
{فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} من قصص موسى وفرعون وبني إسرائيل: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ} أي: التوراة: {مِن قَبْلِكَ} فإن عندهم على نحو ما أوحي إليك: {لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} أي: الشاكين في أنه منزل من عنده.
تنبيه:
لا يفهم من هذه الآية ثبوت شك له صلوات الله عليه، فإن صدق الشرطية لا يقتضي وقوعها، كقولك: إن كانت الخمسة زوجا، كانت منقسمة بمتساويين. والسر في مثلها تكثير الدلائل وتقويتها، لتزداد قوة اليقين، وطمأنينة القلب، وسكون الصدر، ولذا أكثر تعالى في كتابه من تقرير أدلة التوحيد والنبوة والرجعة. أو السر هو الاستدلال على تحقيق ما قص، والاستشهاد بما في الكتاب المتقدم، وأن القرآن مصدق لما فيه، أو وصف الأحبار بالرسوخ في العلم، بصحة ما أنزل إلى رسول الله صلوات الله عليه، تعريضاً بالمشركين، أو تهييج الرسول صلوات الله عليه، وتحريضه ليزداد يقيناً، كما قال الخليل صلوات الله عليه: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: من الآية 260]، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال حين نزول الآية: «لا أشك ولا أسأل» أخرجه عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة- أو الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد غيره، على حد: إياك أعني واسمعي يا جارة. وفيه من قوة التأثير في القلوب ما لا مزيد عليه، بمثابة ما لو خاطب سلطان عاملاً له على بلدته بحضور أهلها بوصاياه وأوامره الرهيبة، فيكون ذلك أفعل في النفوس، أو الخطاب لكل من يسمع. أي: إن كنت أيها السامع في شك مما نزلنا على لسان نبينا إليك... وأيد هذا بقوله تعالى بعدُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} [يونس: من الآية 104]، فكأنه أشار إلى أن المذكور في أول الآية رمزاً هم المذكورون بعدُ صراحة، وفي الآية تنبيه على أن كل من خالجته شبهة في الدين ينبغي أن يسارع إلى حلها بمقادحة العلماء المنبهين على الحق.
وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (95):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [95].
{وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} هو أيضاً من باب التهييج والإلهاب والتثبيت، وأجرى بعضهم ها هنا قاعدة فقال: النهي عن كل شيء إن كان لمن تلبس به فمعناه تركه، وإن كان لغيره فمعناه الثابت على عدمه، وألا يصدر منه في المستقبل كما هنا- انتهى- أو يأتي الوجهان الأخيران قبل هنا أيضاً.

.تفسير الآيات (96- 97):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} [96- 97].
{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} أي: قوله الكريم، وأمره بعذابهم، كما قال: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: من الآية 13] {لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} أي: كدأب آل فرعون وأضرابهم. أي: وعند رؤية العذاب يرتفع التكليف فلا ينفعهم إيمانهم.

.تفسير الآية رقم (98):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [98].
{فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} أي: فهلا كانت قرية من القرى المهلكة آمنت قبل معاينة العذاب، ولم تؤخر إيمانها إلى حين معاينته، كما فعل فرعون، وفي هذا التخصيص معنى التوبيخ {فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا} بأن يقبله الله منها، ويكشف عنها بسببه العذاب {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ} أي: لكنَّ قومه: {لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} أي: إلى آجالهم.
هذا، وقد جوز أن تكون الجملة في معنى النفي، لتضمن حرف التحضيض معناه، فيكون الاستثناء متصلاً؛ لأن المراد من القرى أهاليها، كأنه قال: ما آمن أهل قرية من القرى العاصية فنفعهم إيمانهم إلا قوم يونس. ويؤيده قراءة الرفع على البدل.
روي أن يونس عليه السلام بعثه الله إلى نينوى، من أرض الموصل، وكانت مدينة عظيمة، مسيرة ثلاثة أيام، وهي قصبة بلاد الآشوريين، بانيها آشور أو نينوس بن نمرود، وكلاهما من أولاد بني نوح، وكانت من أقدم مدن العالم وأشهرها، والمؤرخون الوثنيون يصفونها بأن ارتفاع أسوراها كان مائة قدم، ودائراتها ستون ميلاً، وهي محصنة بألف وخمسمائة قلعة، طول الواحدة منهن مائتا قدم. قيل: أهلها كانوا يبلغون نحو ستمائة ألف. وخلفاء نمرود في هذه المدينة دأبوا على تحسينها، وتوسيع بنائها، وقويت شوكة الآشوريين في تلك الأيام حتى خضع لهم أكثر ممالك آسيا، فتجبروا وتمردوا، وكانوا كلما ظفروا في غاراتهم يستغرقون في النهب والمظالم، فأرسل الله تعالى إليهم يونس عليه السلام، واسمه في العبرية يونان، لينذرهم بأنهم لكفرهم واقترافهم الموبقات سيحل بهم العذاب بعد أربعين يوماً فتنقلب بهم نينوى. ثم خرج يونس من بينهم فأصحر، فلما فقدوه وبلغ أميرهم قول يونس، تخوفوا نزول العذاب الذي أُنذروا به، فقذف الله في قلب أميرهم الإيمان والتوبة، فنزل عن عرشه، وألقى عنه حلته، والتف بمسح، وجلس على التراب، وآمن بالله، وآمن أهل نينوى كلهم، وأمر أن ينادى بنينوى بالصيام، فلا يذوق أحد طعاماً ولا شراباً، ولا ترعى البهائم ولا تسقى، وأن يلبس الناس المسوح، صغيرهم وكبيرهم، وأن يجتمعوا في صعيد واحد، يجهرون بتسبيح الله والإنابة إليه، والاستغفار له، والتوبة عما أسلفوا من الظلم والجرم، وأن يحضروا أطفالهم وذويهم ومواشيهم معهم. ففعلوا وتضرعوا إلى الله واستكانوا لجلاله، وسألوه أن يرفع عنهم العذاب الذي أنذرهم به نبيهم. فلما علم منهم الصدق من قلوبهم، والتوبة والندامة على ما مضى منهم، كشف عنهم العذاب ورحمهم. وسيأتي في سورة الصافات زيادة في نبأ يونس عما هنا.
تنبيهات:
الأول: يروي بعض المفسرين هنا أن العذاب تدلى عليهم وغشيهم، وجعل يدور على رؤوسهم، وغامت السماء غيماً أسود، ونحو هذا. وليس في التنزيل بيان لهذا، ولا في صحيح السنة، وكأن من زعمه فهمه من لفظ: {كَشَفْنَا}، ولا صراحة فيه.
قال القرطبي: معنى: {كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ} أي: العذاب الذي وعدهم يونس أن ينزل أنه بهم لا أنهم رأوه حينئذ، فلا خصوصية، أي: كما روي عن قتادة أن هذا الكشف لم يكن لأمة من الأمم إلا لقوم يونس خاصة، فإنه لم يقع بهم العذاب، وإنما رأوا علامته.
الثاني: في الآية إشارة إلى أنه لم يوحد قرية آمنت بأجمعها بنبيها المرسل إليها من سائر القرى، إثر بعثته وإنذاره، إلا قوم يونس، والبقية دأبهم التكذيب، وكلهم أو أكثرهم كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23].
وفي الحديث الصحيح: «عرض علي الأنبياء، فجعل النبي يمر ومعه الفئام من الناس، والنبي معه الرجل، والنبي معه الرجلان، والنبي ليس معه أحد».
الثالث: أخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال: إن الحذر لا يرد القدر، وإن الدعاء يرد القدر، وذلك في كتاب الله: {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا} الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: الدعاء يرد القضاء، وقد نزل من السماء. اقرؤوا إن شئتم: {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة مرفوعاً، في قوله تعالى: {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ} قال عليه السلام: «دعوا»- كذا في الإكليل-.
وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (99):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [99].
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ} أي: بحيث لا يشذ عنهم أحد: {جَمِيعاً} أي: مجتمعين على الإيمان، لا يختلفون فيه. أي: لكنه لا يشاؤه لمخالفته للحكمة التي بنى عليها أساس التكوين والتشريع: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ} أي: على ما لم يشأ الله منهم: {حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} أي: ليس ذلك عليك ولا إليك، كقوله تعالى:: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: من الآية 272]، وفيه تسلية له صلى الله عليه وسلم وترويح لقلبه مما كان يحرص عليه من إيمانهم، كقوله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3]، {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: من الآية 8].
ولذا قال تعالى:

.تفسير الآية رقم (100):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [100].
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} أي: بإرادته وتوفيقه، فلا تجهد نفسك في هداها، فإنه إلى الله: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ} أي: الخذلان: {عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} أي: حججه وأدلته لما على قلوبهم من الطبع.

.تفسير الآية رقم (101):

القول في تأويل قوله تعالى: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} [101].
{قُلِ انظُرُواْ} أي: تفكروا: {مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي: من الآيات الدالة على توحيده وكمال قدرته. قال السيوطي: في الآية دليل على وجوب النظر والاجتهاد، وترك التقليد في الاعتقاد {وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} أي: وما تنفع الآيات والرسل المنذرون، أو الإنذارات عمن لا يؤمن، و{ما} استفهامية أو نافية.

.تفسير الآية رقم (102):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ} [102].
{فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ} أو وقائعه تعالى فهم كما يقال: أيام العرب لوقائعها، من التعبير بالزمان عما وقع فيه، كما يقال: المغرب للصلاة الواقعة فيه {قُلْْ} أي: تهديداً لهم: {فَانتَظِرُواْ} أي: ما هو عاقبتكم {إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ}. وقوله:

.تفسير الآية رقم (103):

القول في تأويل قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} [103].
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا} عطف على محذوف معلوم من السياق، كأنه قيل: نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا المرسلة إليهم: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: من كل شدة العذاب. وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (104):

القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [104].
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ} إنما أوثر الخطاب باسم الجنس- أعني الناس- مصدراً بحرف التنبيه، تعميماً للتبليغ وإظهاراً لكمال العناية بشأن ما بلغ إليهم، وعبر عما هم فيه من القطع بالشك؛ للإيذان بأنه أقصى ما يمكن خطوره، وإلا فإن وضوح صحته، وبرهان حقيته أوضح من الشمس في رائعة النهار. وقدم ترك عبادة الغير على عبادته تعالى، إيذاناً بمخالفتهم من أول الأمر، وفي تخصيص التوفي بالذكر متعلقاً بهم- ما لا يخفى من التهديد؛ إذ لا شيء أشد عليهم من الموت {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: بأعلى مراتب التوحيد.